عن التعليم
تعقيبا على تعليق الأستاذ فاضل حول ما كتبته عن الكتاب المدرسى ومحنته أمام الكتاب الخارجى .. فالأستاذ فاضل على حق فيما ذكره عن تميز الكتاب المدرسى بدقة معلوماته العلمية , فواضعوه لا شك أنهم على المستوى العلمى الذى يؤهلهم للتفوق , و لكن المشكلة هى التباعد الهائل بين هذا الكتاب المدرسى و أسلوب التقويم – سواء فى نهاية العام أو أثناءه – فهذا الأسلوب لا يقيس إلا لونا واحدا ( الذاكرة ) من جوانب القدرة العقلية التى هى جانب واحد من جوانب شخصية الإنسان .
و إذا تحدثنا عن استراتيجية التعليم – أو إن شئت الدقة فقل "استراتيجية التربية " باعتبار أن التعليم ركن ركين من أركان التربية – لقـلنا إن التربية تستهدف تنمية شخصية الفرد و تنصب على جوانب هذه الشخصية الأربع : الجانب العقلى , و الجانب الوجدانى , و الجانب النفسى و الاجتماعى , و الجانب البدنى .
ثم إذا حددنا عناصر الموقف التعليمى التى تتيح تنفيذ هذه المهمة لوجدناها كالتالى : أهداف العملية التعليمية , المواد الدراسية المحققة لهذه الأهداف , الكتاب والأنشطة و الوسائل المعينة على تحقيق هذه الأهداف , المـــــــعلم و التلميذ – ثم التقويم .
و لا بد أن نهتم جيدا بمدى الملاءمة بين هذه العناصر جميعا و قدرتها على تحقيق أهداف العملية التربوية . أما إذا اقتصر الأمر على المادة الدراسية التى يضمها كتاب ( و فى هذا قصر للعملية كلها فى جانب الحفظ من الجانب العقلى ) فسينتج عن ذلك أمران فى غاية القسوة :
- أن العلم يتطور و يتقدم بسرعة صاروخية , و بين عشية أو ضحاها سيتجاوز أحدث ما يضم الكتاب من معلومات
- إغفال بقية جوانب الشخصية المطلوب تنميتها , بل تجاهل بقية جوانب القدرة العقلية ( الفهم , التحليل , التركيب...الخ ) .
و إذا أردنا بعض التركيز على القدرات العقلية المطلوب من التعليم تنميها : أعتقد أن أهمها : القدرة على النقد والقدرة على الابتكار . لو اهتممنا بالقدرة الأولى ( التفكير النقدى ) لحمينا أبناءنا من الوقوع ضحايا لأفكار هدامة و مبادئ مستوردة ينكرها مجتمعنا , لأن العقل هنا سيقف لها ( بقدرته النقدية ) بالمرصاد . أما القدرة على الابتكار فهى التى ستمكن شباب اليوم من التغلب على مشكلات المستقبل , فالعلم اليوم يحاول حل مشكلات اليوم , أما مشكلات المستقبل ( المجهولة لنا الآن ) فتحتاج إلى عقول تبتكر لها حلولا مناسبة .
خشية الإطالة و استثارة مللكم – أكتفى بهذا القدر على أن يكون للموضع بقية من مناقشة .
مصطفى درويش سلام
No comments:
Post a Comment