Thursday, January 21, 2010

عن التعليم

عن التعليم


تعقيبا على تعليق الأستاذ فاضل حول ما كتبته عن الكتاب المدرسى ومحنته أمام الكتاب الخارجى .. فالأستاذ فاضل على حق فيما ذكره عن تميز الكتاب المدرسى بدقة معلوماته العلمية , فواضعوه لا شك أنهم على المستوى العلمى الذى يؤهلهم للتفوق , و لكن المشكلة هى التباعد الهائل بين هذا الكتاب المدرسى و أسلوب التقويم – سواء فى نهاية العام أو أثناءه – فهذا الأسلوب لا يقيس إلا لونا واحدا ( الذاكرة ) من جوانب القدرة العقلية التى هى جانب واحد من جوانب شخصية الإنسان .

و إذا تحدثنا عن استراتيجية التعليم – أو إن شئت الدقة فقل "استراتيجية التربية " باعتبار أن التعليم ركن ركين من أركان التربية – لقـلنا إن التربية تستهدف تنمية شخصية الفرد و تنصب على جوانب هذه الشخصية الأربع : الجانب العقلى , و الجانب الوجدانى , و الجانب النفسى و الاجتماعى , و الجانب البدنى .

ثم إذا حددنا عناصر الموقف التعليمى التى تتيح تنفيذ هذه المهمة لوجدناها كالتالى : أهداف العملية التعليمية , المواد الدراسية المحققة لهذه الأهداف , الكتاب والأنشطة و الوسائل المعينة على تحقيق هذه الأهداف , المـــــــعلم و التلميذ – ثم التقويم .

و لا بد أن نهتم جيدا بمدى الملاءمة بين هذه العناصر جميعا و قدرتها على تحقيق أهداف العملية التربوية . أما إذا اقتصر الأمر على المادة الدراسية التى يضمها كتاب ( و فى هذا قصر للعملية كلها فى جانب الحفظ من الجانب العقلى ) فسينتج عن ذلك أمران فى غاية القسوة :

- أن العلم يتطور و يتقدم بسرعة صاروخية , و بين عشية أو ضحاها سيتجاوز أحدث ما يضم الكتاب من معلومات

- إغفال بقية جوانب الشخصية المطلوب تنميتها , بل تجاهل بقية جوانب القدرة العقلية ( الفهم , التحليل , التركيب...الخ ) .

و إذا أردنا بعض التركيز على القدرات العقلية المطلوب من التعليم تنميها : أعتقد أن أهمها : القدرة على النقد والقدرة على الابتكار . لو اهتممنا بالقدرة الأولى ( التفكير النقدى ) لحمينا أبناءنا من الوقوع ضحايا لأفكار هدامة و مبادئ مستوردة ينكرها مجتمعنا , لأن العقل هنا سيقف لها ( بقدرته النقدية ) بالمرصاد . أما القدرة على الابتكار فهى التى ستمكن شباب اليوم من التغلب على مشكلات المستقبل , فالعلم اليوم يحاول حل مشكلات اليوم , أما مشكلات المستقبل ( المجهولة لنا الآن ) فتحتاج إلى عقول تبتكر لها حلولا مناسبة .

خشية الإطالة و استثارة مللكم – أكتفى بهذا القدر على أن يكون للموضع بقية من مناقشة .

مصطفى درويش سلام

No comments:

Post a Comment