Wednesday, January 27, 2010

العلمانية

العلمانية


العلمانية اتجاه – وإن كان متوافقا مع الظروف و الطبائع الغربية ، فإنه – بغير شك – قد قصد بنقله إلى العالم الإسلامى مقاصد خبيثة تستهدف صرف المسلمين عن الدين و حصر الحياة فى الدنيا مع عدم الاهتمام بالآخرة على أنها هى حياتنا الدنيا نموت فيها و نحيا .
و فى البداية الغربية للمصطلح كان المعنى هو انتصار العلم على الكنيسة التى كانت فى عصور ما تسيطر على كل مقدرات الناس – دينيا و اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا
تقول دائرة المعارف البريطانية في تعريف كلمة:Secularity :هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا فقط، وذلك للانتقال بالناس من العصور الوسطى حيث كانت الرغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخر.
وفي معجم ويبستر الشهير: العلمانية: " رؤية للحياة أو أي أمر محدد يعتمد أساساً على أنه يجب استبعاد الدين وكل الاعتبارات الدينية وتجاهلها", ومن ثم فهي نظام أخلاقي اجتماعي يعتمد على قانون يقول: " بأن المستويات الأخلاقية والسلوكيات الاجتماعية يجب أن تحدد من خلال الرجوع إلى الحياة المعاشة والرفاهية الاجتماعية دون الرجوع إلى الدين"
و يقول معجم (Brewer's Dictionary ) عن كلمة : Secularism : هو الاسم الذى ابتكره حوالى سنة 1851 George Jacob Holyoake المتوفى سنة 1906 لنظام أخلاقى مؤسس على الأخلاق الطبيعية فى مقابل تلك القائمة على أصول دينية .

لقد استخدم مصطلح "Secular" (سيكولار) لأول مرة مع توقيع صلح وستفاليا - الذي أنهى أتون الحروب الدينية المندلعة في أوربا - عام 1648م، وبداية ظهور الدولة القومية الحديثة (أي الدولة العلمانية) مشيرًا إلى "علمنة" ممتلكات الكنيسة بمعنى نقلها إلى سلطات غير دينية أي لسلطة الدولة المدنية.

وقد اتسع المجال الدلالي للكلمة على يد جون هوليوك (1817-1906م) ( و هو بريطانى ملحد )الذي عرف العلمانية بأنها: "الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية دون التصدي لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض".

تطبيقا لهذه النظرية فإننا نجد أن الولايات المتحدة ـ مثلا ـ تمنع تدريس المواد الدينية في مدارسها العامة لتعارض تدريس تلك المواد مع الدستور الأمريكي العلماني الداعي لفصل الدين عن الدولة.
ويطلق الكثير من معارضي العلمانية وخاصّة المتدينون لقب "الكفّار" على العلمانيين لمناداتهم بنظام إداري علماني بينما يصّر بعض العلمانيين على أنهم مسلمون أو مسيحيون لبّاً وقالباً في كنائسهم ومساجدهم ولكن ليس في ردهات المحاكم وعند إقرار التشريعات أو إختيار حاكم للبلد.
و لقد قام المثقفون العرب بترجمة الكلمة من اللغة الإنجليزية ( سيكولاريتي Secularity ) التى تعنى " لا دينية " أو " لا عقائدية "

والعلمانية ليست مناسبة للإسلام لأن العلمانية نشأت في أوروبا بعدما ضيق القساوسة على العلماء فخرج هذا الفكر كردة فعل للتضييق بينما الإسلام لا يمنع العلم بل يدعو إليه قال تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)سورة فاطر.

و فى العالم الاسلامى بدأت أولى التجارب لتطبيق العلمانية فى تركيا : ففى3 مارس 1924 م قام مصطفى كمال أتاتورك بعزل الشريعة الإسلامية عن الحكم والسياسة – فهل أدى ذلك إلى تحقيق الرفاهية و السعادة للشعب التركى ؟

الملاحظ أنه على الرغم من أن الحضارة العلمانية الغربية قد قدمت للإنسان كل وسائل الراحة وكل أسباب التقدم المادي، إلا أنها فشلت في أن تقدم له شيئاً واحداً وهو السعادة والطمأنينة والسكينة، بل العكس قدمت للإنسان هناك مزيداً من التعاسة والقلق والبؤس والتمزق والاكتئاب، وذلك لأن السعادة والسكينة أمور تتعلق بالروح، والروح لا يشبعها إلا الإيمان بخالقها، والالتزام بأوامره واجتناب نواهيه؛ قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} أي جعل الطمأنينة والوقار في قلوب المؤمنين الذين استجابوا لله ولرسوله، وانقادوا لحكم الله ورسوله، فلما أطمأنت قلوبهم بذلك واستقرت، زادهم إيماناً مع إيمانهم

"ألا بذكر الله تطمئن القلوب"

مصطفى سلام

No comments:

Post a Comment