Saturday, January 23, 2010

هيا بنا نختلف

هيا بنا نختلف


أن نختلف فى الرأى – فهذه ظاهرة صحية – أن يؤدى هذا الاختلاف إلى خلاف شخصى و مشاحنة و تباغض ، فهذه ظاهرة مرضية (بفتح الميم و الراء ) تدل على الحاجة إلى النضج و مزيد من الوعى .

أن ننقد – فهذه ظاهرة صحية – أن نهاجم و نجرح – فهذه ظاهرة مرضية ، يتحول فيها النقد المباح إلى معركة لا تندمل منها الجراح .


النقد


(مجرد رأى قابل للنقد)


مجرد أن أقرظ مبدعا لإبداعه فأقول له بعض كلمات إطراء ، فهذا ليس بنقد ، و إنما هو تعبير عن أثر هذا الإبداع فى نفسى .. تعبير عن الإعجاب .. إلخ ..

أما النقد فينبغى أن يقوم على أسس و مبادئ حددها لنا علماؤه .. و من الذاكرة أقول يجب أن يكون النقد تحليلا للنص المبدَع يتضمن :

· تحديد الموضوع .

· مدى ملاءمة المعالجة للموضوع .. فالموضوع العلمى - مثلا- يعالج بمنطق رصين ، و الموضوع الدينى يعالج بخشوع يدخل الموضوع إلى القلب و العقل معا ..إلخ

· مدى استخدام الأسلوب الأمثل للتعبير عن الموضوع .. فللموضوعات الحماسية أسلوب القوة و الجزالة و الفخامة ، و للموضوعات الرومانتيكية – مثلا – أسلوب الرقــــــــــــة و النعومة ... إلخ.

· بيان أوجه الجمال و أوجه النقص فى المعالجة .. فليس النقد تبيانا لأوجه النقص فحسب ، كما و أنه ليس مجرد تقريظ للمبدع (كسر الدال) و استحسان للمبدع (فتح الدال ) .

· و يمكن من خلال النقد المقارنة بين نص المبدع و نصوص سبقته فى هذا الموضوع ، فيكون فى ذلك إثراء للمعانى ، و تعديد للصور الجمالية .

و بهذا يفترق النقد كثيرا عما نراه فى العديد من التعليقات التى ترد تعقيبا على نصوص المبدعين ، حتى أنه يمكننا أن نقول إنها نوع من التأثر و الإعجاب بالنص ، و ليست نقدا له ، و هذا فى حد ذاته ليس عيبا ، فالمبدع إنما يبتكر إبداعاته كى يؤثر فى قلوب و عقول الآخرين .

و يختلف أيضا عما نقرؤه أحيانا عن بعض التهافت فى الهجوم غير المبرر و لا المسبب و لا المحكم على النص – فإن قلت إنه ( نص سئ ) أكون قد وقعت فى دائرة التجريح و خرجت من دائرة النقد .. و يقع فى نفس الدائرة استخدام الألفاظ غير اللائقة التى تشى بعدم قدرة الناقد – أقصد المجرح – على انتقاء ألفاظه أو على ضعف حجته فاستعاض عن هذا بذاك .

و ختاما أريد أن نقتدى بقول أمير الشعراء :

( الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية )

و ذلك حين يحترم الاختلاف مشاعر الآخرين )

و نتذكر قوله أيضا :

(إلام الخـلف بينكمو إلاما ... و هذى الضجة الكبرى علاما

و فيم يكيد بعضكمو لبعض ... و تبدون العداوة و الخصاما )

تأملوا ما فى هذين القولين من (اختلاف ) بين كلمتى ( اختلاف ) و ( خلاف ) !!!

فلنختلف و لا نتخالف ، و لتكن المحبة هى المظلة التى تظللنا .


مصطفى سلام

No comments:

Post a Comment