Saturday, January 23, 2010

الحبيبة بنت الحبيب 9

(9)


وداعا مكة


تبيت الزهراء ساهرة تستمتع بالعودة و تجتر الذكريات و تتمثل الأحباب : و كأن أمها خديجة رضى الله تعالى عنها تطل على الحبيب فى يوم النصر الأغر , و كأن أرواح شقيقاتها تهفو إلى مراتع الحياة التى كانت سعيدة فى رحاب البيت العتيق .. أرواحهن معها يشاركنها الفرحة بهذا النصر المبين ..

تسهر حتى الصباح لتسمع بلالا بصوته الندى يدعو إلى صلاة الصبح من فوق الكعبة المشرفة , و المسلمون يتهافتون إلى البيت الحرام ليؤدوا الصلاة لأول مرة فى تاريخ الإسلام بالبيت العتيق !!

و يحدث حادث .. فرح الرسول بعودته إلى بلده فرحة عارمة حتى ظن الأنصار أنه لن يغادر مكة , و أن أنس بقومه و قربهم إليه دونهم .. و قال قائل منهم : " لقد لقى و الله رسول الله صلى الله عليه و سلم قومه " .. بل إن شاعرا – حسان بن ثابت – أنشأ قصيدة يعاتب فيها رسول الله لذلك ..

بلغ ذلك الزهراء , فتوقعت أن يكون لهذا العتاب ما بعده .. و بلغ الأمر الرسول فجمعهم و خطب فيهم , و أنهى خطبته بقوله صلى الله عليه و سلم : " ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء و البعير و ترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فو الذى نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار, و لو سلك الناس شعبا و سلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار , اللهم ارحم الأنصار و أبناء الأنصار و أبناء أبناء الأنصار" ..

بكى الناس حتى ابتلت لحاهم , و هتفوا : " رضينا برسول الله قسما و حظا " ...

و بكى أهل مكة و قد رأوا رسول الله يهم أن يغادرهم راجعا إلى دار الهجرة ..

أما فاطمة , فقد قامت تودع الدار و الجوار و تزور قبر أمها – خديجة – قبل أن يحين موعد الرحيل !!!

لقد كان مقامه فى مكة حلما امتد شهرين و بعض شهر ..

لكن الحلم الأعظم قد امتد عامين .. فيهما كانت الزهراء سعيدة بصحبة أبيها و اتنعم بحبه لها و لزوجها و لبنيها ....

و لكـــــــــن :

مصطفى سلام

رمضان 1427 هـ - سبتمبر 2006

No comments:

Post a Comment