Thursday, January 28, 2010

تعليق على شخصية الشرق


تعليق على شخصية الشرق


دراسة رائعة ، عرضت علينا فيها الأستاذة المبدعة لميس الإمام صورة للضياع الذى نكابده منذ خروجنا من جب العصور الوسطى و دخولنا فى عصر تحديد الذات منذ مطلع القرن العشرين .

لقد بدأت المشكلة حين فتحت أعين شرقنا المغتتصب عثمانيا على حضارة لم يكن لنا بها عهد منذ انقضاء فترة الإبداع الإسلامى فى كافة المجالات العلمية و الثقافية ، تفتحت أعيننا فهالنا كم التخلف الذى كنا – و اعتقد : ما زلنا – فيه ، و بدأت حركات التحرر العربى و الإسلامى ضد السيطرة الأجنبية ، لكن ، و لطول زمن الرقاد خلال الحقبة العثمانية ، فقد وجدنا أنفسنا بلا هوية ، فتساءل مفكرونا آنذاك : من نحن ؟ .. و ما مدى ارتباطنا بالعالم ؟ .. و ما مقومات شخصيتنا الوطنية ؟

فى بداية القرن العشرين ، قامت فى مصر مدرستان متضادتان : الأولى على رأسها الزعيم المصرى الشاب مصطفى كامل و حزبه : الحزب الوطنى ، و الثانية يقودها المفكر الفيلسوف أحمد لطفى السيد و حزبه : حزب الأمة ..

مصطفى كامل و حزبه كان ينادى بالاستقلال التام عن المحتل الإنجليزى ، مع الارتباط – الروحى بالدولة العثمانية باعتبارها مقر الخلافة الإسلامية ، و أحمد لطفى السيد يرى الاستقلال التام عن المحتل الانجليزى و فك الارتباط كاملا بالدولة العثمانية ، باعتبارها الرجل المريض الذى ضرب على العالم الإسلامى بأستارمن التخلف .. مع الاتجاه إلى الغرب – أوربا – باعتبارها – آنذاك مصدر العلم و النور و الثقافة و التقدم .

و تفاعل هذان التياران ، لكن المشكلة التى تركزت حولها الأفكار فى ذلك الزمان هى : من نحن ؟ .. و قامت الحركات الوطنية الاستقلالية ، لا للمناداة بالاستقلال السياسى فحسب ، و إنما أيضا باستقلال الشخصية فى جميع جوانبها : و أضرب مثالا لذلك : قام طلت حرب بقيادة حركة الاستقلال الاقتصادى فأنشأ بنك مصر و العديد من الشركات التى كان الهدف منها استقلال الشخصية استقلالا اقتصاديا ، و قام سيد درويش بـ ( فصل ) الفن العربى عن الفن العثمانى ، و قام طه حسين و دخل فى محاورات رائعة مع توفيق الحكيم ضمنها كتابهما المشترك ( تحت شمس الفكر – على ما أذكر سنة 1933 ) ، و قام عباس محمود العقاد ليقود تيارا مخالفا .. و هكذا كان العالم العربى ....

و الآن : حقيقة نحن فى صراع شخصانى بين أن نكون نحن أو نكون كما يريدون لنا : نحن نريد أن نستمتع بما وصلوا إليه من تكنولوجيا لا غنى لنا عنها مع المحافظة على هويتنا الثقافية ( دين ، عادات ، تقاليد ... الخ ) ، و هم يريدون أن نأخذ منهم كل شئ على اعتبار أن الحضارة – بجانبيها " التكنولوجيا " و الثقافى - كل لا يتجزأ ، فمن أراد ، فليأخذ الكل أو يترك الكل ، فإذا ما أردنا أن نأخذ تكنولوجيتهم – حسب هواهم – فعلينا أن نتخلى عن هويتنا الثقافية و شخصيتنا القومية لصالح ما يدعونه من أفكار العولمة ، و فى ذات الوقت ، فإننا لا نستطيع الاستغناء عما وصلوا – هم إليه من تقدم علمى و تكنولوجى .

الحل : العلم ، ثم العلم ، ثم العلم ... به نستطيع أن نساهم فى الحضارة الإنسانية التى تخلينا تماما عن المشاركة فيها كمنتجين لها ، و إن كنا نساهم كمستهلكين فحسب .

لكن هل تشى حالتنا الحاضرة – كأمة عربية أو إسلامية أو شعوب شرقية – أننا نستطيع تلك المساهمة ؟

أرجو لمن عنده علم من الاقتصاد أن يدلنا : كم نضيع على الموائد فى أوربا من أموال ، و كم نبذل من أموال فى مجال التطور العلمى .. حينئذ سنصاب بالغثيان .

شكرا للأستاذة الرائعة لميس الإمام ،،،

مصطفى سلام

18 ديسمبر 2007

No comments:

Post a Comment