Tuesday, February 2, 2010

إلى وزير التربية و التعليم

إلى الدكتور أحمد زكى بدر
وزير التربية و التعليم الجديد


سيادة الوزير:

تفضلتم بالحديث عن التوسع فى عدد المدارس و ترميم ما هو مستحق للترميم .. و هذا

أمر لا شك هام و ضرورى .

سيادة الوزير هناك أمر ذو أهمية قصوى و هو ضبط العمل داخل المدرسة ، فلا يخفى على سيادتكم ما آل إليه دور المدرسة من فوضى لا تبشر بخير .. بل أكاد أقول أنها لم تعد أهلا للقيام بدور ما سوى إعتياد أبنائنا على الفوضى و عدم احترام النظام – لماذا ؟

إلى جوار ما سيسوقه الآخرون أضيف أن المدرسة لا سلطة لها و لا سلطان على العاملين بها ، بل إن الموجه (بكل درجاته ) لا سلطان له على المعلم – اللهم إلا النصح و الإرشاد ، و من شاء فليتبع ، و من شاء فليمتنع !!

مدير المدرسة – و قد يكون مديرا عاما – ليس لديه سلطة العقاب و لا الثواب ، فالكل يحصل على كل المميزات بغض النظر عن كم عطائه و كيفه . أما إذا ما ارتكب عامل بالمدرسة خطأ جسيما ، فما على مدير المدرسة إلا أن يخاطب الإدارة التعليمية التى تحيل كلا من المدير و العامل المخطئ إلى الشئون القانونية التى غالبا ما تتدخل العلاقات المشبوهة الخاصة – و منها المجاملة بالدروس الخصوصية – فيخرج المخطئ من المشكلة أكثر قوة و تبجحا .

أما عن التقارير السنوية التى يشارك الموجه فى وضعها ، فلا قيمة لها ، إذ هى مؤشر فقط لأقدمية العامل ، و لا يستطيع – الموجه أو مدير المدرسة – وضع تقرير لا يرضى عنه المعلم ، و إلا فالشكوى و الشئون القانونية و اللجان ... الخ

إذن فلا بد من منح مدير المدرسة السلطة التآ يستطيع بها أن يضبط العمل داخل مدرسته.

أما عن انتظام التلاميذ بالمدرسة ، فأذكر أنه عقب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات – رحمه الله – صدر قانون يجبر الطلاب على حضور نسبة 85 % من عدد أيام الدراسة و إلا حرموا من دخول الامتحان – لا أخبرك – سيادة الوزير – عن مدى الانتظام الذى حدث فى المدارس بعد صدور هذا القانون – لقد أصبحت نسبة الحضور 100 % أمرا عاديا ، لكن المخربين سرعان ما أقلقهم هذا النظام ، فأصدروا قرارا آخر باستثناء الأجازات المرضية !! .. أقسم لك يا سيادة الوزير أنه بعد صدور هذا الاستثناء مباشرة ، تضاءلت نسبة الحضور حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن .

أرجو أن يفعل هذا القانون إن كنا حريصين على انتظام العمل بالمدارس .

هذا من حيث الشكل ، أما من حيث المضمون .. فأرجو أن تسمحوا لى بحديث آخر لأنى متأكد أنى بحديثى هذا قد أصبتكم بالملل و الضجر .

أختم بإخباركم أنى فى قمة التفاؤل بتوليكم هذا المنصب ، فما أسمعه عنكم من حزم و حسم يؤكد هذا التفاؤل .

و أدعو الله سبحانه و تعالى أن يوفقكم و يعينكم على هذه المهمة العسيرة .

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،،

مصطفى درويش سلام

موجه عام سابق للفلسفة


حوار عن الحضارة




حوار :


عن الحضارة


(1)

سيدتى الأستاذة

موضوعاتك و تعليقاتك فيها ما يثير العقل و يحفزه على الرد ، فأرجو ألا تسِيأك لجاجتى فى الرد عليك ، و هو و إن اتخذ صفة الرد – كما يحلو للمنتدى أن يسميه – إلا أنى أرى فيه مواصلة و اتصالا يثرى و لا ينقص .

تحدثت – سيدتى عن التقدم و الحضارة و كيف نسئ فى مجتمعنا العربى استخدامهما – لماذا نحن كذلك و الغرب لا يفعل – لا يسئ هذا الاستخدام ؟

المشكلة يا سيدتى تكمن فى أن الغرب هو مبتكر هذه الحضارة و بالتالى فهى تتواءم مع ثقافته و تساير عاداته و تقاليده و أخلاقياته ، أما نحن فإن هذه الحضارة ليس لنا فيها باع و لا ذراع ، لسنا غير مستهلكين لعلوم الآخرين و مخترعاتهم ، و بالتالى – و لأننا نختلف عن المنتج (بكسر التاء) فى الثقافة ، فكثيرا ما يأتى استخدامنا لهذا المنتج (بفتح التاء) استخداما ساذجا (عبيطا !!) ، وإنك لتعلمين أن لكل اختراع جانبين : إيجابى و سلبى ، المنتِج يدرك تماما الإيجابيات ، أما نحن ، فلضحالة الثقافة تبهرنا السلبيات .

و الحضارة مثلها كمثل الأوانى المستطرقة يصب الأعلى فى الأدنى آليا ، مع الفارق : أن الأعلى فى الحضارة لا يصب إلا ما تسمح به مصالحه و يضن بما لا يؤثر على تفوقه ، و يوم يكون لنا إسهام فى الحضارة الإنسانية من جديد ، سنتدارك هذه الفجوة و نعتلى مكانا عليا .

أما ما ورد فى كلمتك عن الاقتباس : فهناك – حتى فى الشعر العربى نماذج له – و هو نوعان : مقبول و سخيف ، الأول اتخاذ الموجود و تطويره و تحسينه أو الوصول من خلاله إلى منتج جديد مغاير..

أنظرى – سيدتى – مثلا لهذا منتجات الصين ، التى ما تركت منتجا عالميا إلا أخذته و أدخلت عليه و غزت بهذا المنتج الجديد حتى بلدان المصدر .

و لكن كيف يكون لنا مثل هذا الإسهام : نعود إلى صلب مقالتك : التعليم .. التعليم .. التعليم .

و لكن : ما هو هذا التعليم الذى يمكننا من الوصول إلى هذا الهدف ؟

أعتقد أن مقالا آخر جدير بأن يرصد للحديث فى هذا الموضوع .

كل التقدير لك ، و لذهنك المتقد ، و لفكرك التقدمى .


مصطفى سلام




(2)



سيدتى الرقيقة ، و الباحثة الدقيقة

أستاذة الفكر و النور فى منتدانا : الأستاذة لميس

أكرر : كل سنة و أنت طيبة جدا و فى قمة الصحة و ذروة السعادة .

سيدتى :

هل حقيقة لبحثك قيمة ؟

معاذ الله أن يخطر على بالى إجابة سالبة لهذا السؤال ، و إلا أكون قد أنكرت عن جهل جهود العلماء فى النهوض بالمجتمع الإنسانى ، و لكن ما قصدته ، أن مثل بحثك هذا كفيل أن يقيم الدنيا و لا يقعدها لو كانت هناك آذان تسمع , وعقول تعى ، و قلوب تؤمن .. و لكن - و إن كنت يائسا من وجود تلك الآذان و العقول و القلوب ، فإن أملى كبير فى الله أن يقيض لمقالتك هذه من قادة الأمة من يسمع و يعى و يؤمن .. و لو من بعد حين .

و هل أنت تحرثين فى البحر ؟

رغم الجهالة التى تسم مجتمعنا ، و انعدام الهمة و الرغبة و الإرادة اللازمة لإحداث التقد على النهج الذى تفضلت بالإشارة إليه .. إلا أن مجتمعاتنا اليوم مشغولة بأمور أخرى تراها أجدر بالاهتمام من مسألة التقدم ، كمباراة لكرة قدم ، و ما إلى ذلك ..

و السؤال : هل نكف عن الدرس و البحث و الدعوة ؟ .. نكون فى هذه الحالة كالشيطان الأخرس ، لقد عانى المصلحون العظام الأهوال فما ضعفوا و ما استكانوا - قاسم أمين - الداعى إلى تحرير المرأة - توفى سنة 1906 - ووجه بما يهد الجبال الراسيات ، لكنه لم يستكن و ظل يدعو حتى نجحت دعواه فيما أراد الوصول إليه (و لكنه لا يدرى بما آل إليه حال السفور فى أيامنا هذه !!!!!)

سيرى - سيدتى - على بركة الله ..

و ستجدين فى المخلصين من المثقفين سندا لك و عونا .

و منى أنا شخصيا كل المودة و المحبة و الإعجاب .

باركك الله ،،،

(3)



لقد أسمعت إذ ناديت حيا .. ولكن لا حياة لمن

تنادى



الباحثة الجليلة الأستاذة لميس الإمام ( و ولدها الأستاذ عبد الرحمن ! )

أخشى سيدتى أن أقول إنك تحرثين فى البحر !!

فالتربية – كما تفضلت و ذكرت – هى عماد التقدم و الرقى ، و لنتفق على أهداف أفترضها للتربية :

الجانب الثقافى : المحافظة على الأصيل من عادات الأمة و تقاليدها التى تحفظ عليها خصوصيتها و إنـّيتها مع مراعاة تطورات العصر، أخلاقها المتينة التى تقيد السلوك بقيود سامية حتى لا يضل الطريق .

الجانب المادى :المتمثل فى العلم و الإيمان بحتميته فى إنقاذ الأمة أولا من براثن الجهل ، ثم الانطلاق بها بعد ذلك إلى سماوات الرقى .

و أقول و الحسرة تملأ نفسى أن رجلا أميا – محمد على – الذى تولى حكم مصر منذ 1805 و حتى 1848 ثم توفى بعد ذلك بعام – أدرك هذا الرجل هذه الحقيقة ، آمن فعمل فوصل بمصر إلى مصاف الدول العظمى فى ذلك الحين .

و لكن الاستعمار فى ذلك العصر خشى من هذا التقدم المذهل الذى يهدد مصالحه ، ففعل مثل ما فعلت أمريكا باليابان فى نهاية الحرب العالمية الثانية ، وبدلا من ضرب مصر بقنبلة نووية – حيث لم تكن الذرة قد عرفت – فإنه – إنجلترا و الدول الأوربية – قد تصديتا له بالقوة العسكرية ، و أوقفت – بمقتضى معاهدة لندن 1840 – نمو القوة المصرية .

و لما أراد الخديو اسماعيل – حفيد محمد على – إعادة بناء الدولة المصرية القوية – تصدى لد الاستعمار بوسيلة أخرى – الوسيلة الاقتصادية – فأوردته موارد التهلكة بواسطة الديون ـ حتى وصلت إلى الضغط على السلطان العثمانى فأصدر فرمانا بعزل إسماعيل .

ثم جاء الاستعمار البريطانى سنة 1882 ، و تولى أمر التربية و التعليم فى عصره (جلوب باشا) الذى كانت أولى مهامه أن يفرغ التعليم من جوهره و مضمونه و يكتفى بالمظهر إيمانا منه بأن التعليم هو أساس نهضة الأمم و أن الأمة الجاهلة أسلس قيادا من الأمة المتعلمة .

و لم يكن الحال – منذ أن تولى أمرنا رؤساء منا ، أسعد حالا ، فقد أصبح التعليم عندنا هو الرجل المريض الذى لا يرجى شفاؤه إلا بثورة تربوية تعليمية تطيح بتلك الأدمغة العفنة التى لا ترى من الحياة إلا يومها ، أما الغد فهو أبعد كثيرا من أفهامهم و تصوراتهم .

انهيار التربية و ( التعليم ) فى مجتمعنا – و هذا موضوع يمكن أن يكون محل دراسة مفردة – أدى إلى الانهيار الكلى العام : فى الضمير و الصحة و الأداء العام ..الخ .. لقد وصل إلى حد الكارثة !

منذ سنوات : صرخ الأمريكيون – حين تفوقت عليهم اليابان – بصرخة مدوية : ( أمة فى خطر ) ، و كان الرد على هذه الصرخة : التفوق اليابانى فى مجال التعليم ، فبدأ عندهم العلاج .

التقدم يا سيدتى – حسب عقيدتى – يستند إلى مجموعة من الثروات : أهمها الثروة البشرية و الثروة المادية (أرض ، بحار ، معادن ، بترول ... الخ )

أما الثروة البشرية فهى الركيزة الأساسية فى عملية التقدم ، و ليست هذه الثروة مجرد كم يحصى ، و لكنها كيفٌ يتمثل فى العلم و العلماء و الأدب و الأدباء و الفن و الفنانين .. إنها الجانب العقلى ( و الخلقى ) فى الإنسان ، و على قمة هذه الثروة : إرادة شعبية فى الترقى تخلقها التربية ، و إرادة صارمة من القيادة تقود عملية التقدم.

إنه لمما يبكينى أن أجد بلدنا ترصد ميزانية للبحث العلمى أدنى كثيرا مما ترصده لكرة القدم !!

إنه لمما يبكينى أن أجد علماءنا يحصلون على أجور لا تساوى عشر معشار ما يحصل عليه سمكرى سيارات أو مقاول بناء !!

ألا تشاركيننى البكاء ؟!!!

أرجو المعذرة لهذا الاستطراد فى الحديث لكن عذرى أنى به أنفـّس عن آلام ناتجة عن جرح لا يندمل فى قلبى نكأتِه ثم ضغطى عليه فاشتد بى الألم !!

ندعو الله أن يهيئ لمصر محمدا عليا آخر يعيد أمجاد محمد على باشا – رحمه الله .

مع كل التقدير و الاعتزاز .



مصطفى سلام