عن الكتاب المدرسى
مشاركة فى الحديث عن مشكلة الكتاب المدرسى فإنى أرى أن كتاب الوزارة قد سقط بالضربة القاضية أمام الكتاب الخارجى و ذلك لأسباب يعلمها القاصى و الدانى من الحقل التعليمى .
فواضعو هذا الكتاب الخارجى أكثر ذكاء من الوزارة ذلك لأنهم فهموا – و لم تفهم – فلسفة التعليم و أهدافه و وسائل التقويم التعليمى !!!!
فالتعليم فى مصر لا يخرج مهما قيل و مهما تفلسف المتفلسفون عن كونه عملية تلقين واستظهار و مخاطبة لقدرة واحدة من قدرات العقل – ألا و هى الذاكرة – مع إهمال شديد لبقية القدرات مثل الفهم و التطبيق و النقد و التحليل و التركيب و مهـــارات الابتــــــــكارو الاختراع ..الخ , و فى النهاية : التخرج و فى اليد ورقة ممهورة بعدة توقيعات و أختام كان الخريج يبروزها و يعلقها على جدار بحجرة ( الصالون !!!)
و التقويم – فى نهاية العام أو أثناءه – لا يخرج عن عدد من الأسئلة التى قد تتراوح فى الصعوبة أو السهولة – و لكنها فى نهاية الأمر لاتخاطب من العقل إلا قدرته الحافظة !!!
َفهم واضعوا الكتاب الخارجى ذلك و وعوه فقدموا للتلميذ أسهل الطرق لتحقيق هذا الهدف .. مذكرات هى أقرب (للبرشام) الذى يعرفه كافة التلاميذ فى بلادنا , ثم مجموعات من الأسئلة الجيدة و الامتحانات و الإجابات النموذجية و توقعات بأسئلة نهاية العام ..
إن هذا كله متوافق تمام التوافق مع أهدافنا التعليمية ( غير المعلنة ) و هى مجرد الحفظ و الاستظهار.
أما كتاب الوزارة فهو يتعامل مع أهداف أخرى معلنة ليس لها على أرض الواقع أى وجود !! لذا فقد فقد لدى التلاميذ مصداقيته .
و لقد تعرض عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين – رحمه الله – إلى مشكلة الكتاب المدرسى فى كتابه مستقبل الثقافة فى مصر سنة 1938 !!! و هاجم سياسة الوزارة بشأن الكتب هجوما عنيفا .. و ما أجدرنا اليوم أن نرجع إلى ما قال و نستفيد بما كتب .
ما يصدق على الكتاب الخارجى يصدق كذلك على المدرس الخصوصى الذى طعن العملية التعليمية الرسمية فى مقتل !!!
فلنرجع إلى علمائنا نسألهم النصيحة : كيف نحدد أهدافا واقعية للتعليم ؟ كيف نحدد أساليب ذكية للتقويم الشامل ؟ كيف نضع كتابا يتوافق مع هذه الأهداف و تلك الأساليب ؟ وقبل هذا و ذاك : كيف نعد المعلم المنوط به تحقيق هذه الأهداف ؟
حينذاك سنكون قد وضعنا أقدامنا على بداية الطريق الصحيح .
مصطفى درويش سلام
No comments:
Post a Comment