فى الشعر
(وجهة نظرخاصة )
لا شك أن الشعر التقليدى له قواعد و أصول لا يستطيعها كثير من المحدثين ، ذلك أن اللغة قد تسربت من بين أيدى الكثيرين ، فتاهت عنهم مفاتنها ، و ضاعت منهم محاسنها ، و لم يعودوا قادرين على الغوص فى بحار المعانى ، و التعمق فى أعماق المشاعر .. فاستسهلوا التعبير بما كان يسمى الشعر المنثور .. كان نوعا من الكتابة يحتفظ ببعض من القوالب المبتدعة ، و لكن تعدى الأمر هذا النمط من الشعر فغاص المجددون فى ظلام الغموض ، و لم يعد القارئ قادرا على أن يفهم ما يقال .
أعتقد أن اللغة – بشقيها : النثر و الشعر – أداة لنقل الأفكار و المعانى و المشاعر و الوجدانات ، فإن لم تفعل فقد المتواصلون الصلة بينهم و أصبحوا مجموعة من البكم لا يفهمون ما يقال و لا يقولون ما يفهم .
لقد كان الشعر أداة لنقل المشاعر – ولعل ذلك كان سببا فى تسميته شعرا – فكان يخاطب العقول التى تعى و تنقل ما وعت إلى الوجدان الذى ينفعل بما وعته العقول .. كان الشعر معاناة أو تجربة شخصية يعيشها الشاعر ، فينقلها إلى غيره ليشاركه ما عانى منه ، أما الآن فقد أصبح الشعر لونا آخر – كثيرا ما يكون غير مفهوم – فإن قال قائل إتها تجربة شخصية لا يقصد بها مشاركة الآخرين ، فلماذا إذن تطرح عليهم ؟ .. فليحتفظ إذن كل شاعر بتجربته طالما أنه لا يريد لنا أن نعيها و ننفعل بها
لقد كان من المبررات أن الشعر العمودى بقواعده المنضبطة لا يتسع لكثير مما استحدث فى عصرنا الراهن .. و لكن أن يكون هذا مبررا لكل هذا الخروج إلى عالم الغموض .. فهذا أمر لا يستساغ .
و إن كان لنا أن نعود إلى الماضى ، فإننا سنجد أن الشعراء قد اقتحموا بشعرهم مناحى عدة : الغناء ، الوطنية ، الوصف ، النقد ، المدح ، الهجاء ... ثم المسرح الذى بدأ على يدى أحمد شوقى و من بعده عزيز أباظة .... الخ .
لقد كان الأجدى بالمجددين أن يبحثوا عن لون جديد – إن عز عليهم الشعر العمودى – يحتفظ للشعر بشئ من الموسيقية و النظم يستطيع أن نخاطب به فنفهم و ننفعل .. فإن قيل إن الشعر الحديث لا علاقة له بالانفعال و إنما هو يخاطب العقل ، نقول إن كل حديث – شعرا كان أو نثرا – إنما هو يخاطب العقل ... و يقول علماء النفس أن الحالة السلوكية تنقسم إلى مراحل ثلاث : إدراك ( مخاطبة العقل) + وجدان ( بناء على الوعى و الإدراك تتكون الحالة الانفعالية)+ نزوع ( و هو الإقدام على الفعل ) .. إذن لا بد فى كل الأحوال أن يخاطب العقل ، و يستثار الوجدان .
وجهة نظرهذه تحتمل الصواب و الخطأ .
مصطفى سلام
14 سبتمبر 2006
No comments:
Post a Comment