(10)
الوداع الأخير
الزمن : أواخر شهر صفر من السنة العاشرة من الهجرة .
المكان : المدينة المنورة .
الحادث : المصطفى يشكو من مرض ألم به .
المسلمون يظنون أنها مجرد وعكة ألمت برسول الله صلى الله عليه و سلم , إلا الزهراء التى ارتعدت لسماع النبأ .. لقد كانت منذ حين تزور أباها عند أم المؤمنين عائشة , استقبلها الأب الرحيم مرحبا " مرحبا يا بنتى " , قبلها و أجلسها إلى يمينه , همس لها أنه يحسب أن أجله قد حان , الزهراء تبكى بحرقة , المصطفى يقول لها :" و إنك أول أهلى لحوقا بى .. ألا ترضين أن تكونى سيدة نساء هذه الأمة ؟ .. ضحكت الزهراء .
عجبت عائشة و قالت : " ما رأيت كاليوم فرحا أقرب إلى حزن " و سألت فاطمة عما أسر به إليها الرسول ، فقالت فاطمة :
" ما منت لأفشى على رسول الله سره " ... الرسول يصبح صحيحا معافى .. و لكن المرض يعاوده , و تراه الزهراء متحاملا على نفسه يدور على نسائه يستأذنهن أن يمـّرض فى بيت عائشة .. الزهراء تسهر عليه و تقيم معه تخدمه و تجتهد فى الدعاء , المرض يشتد برسول الله و يصب الماء على رأسه و يقول : " وا كرباه " .. فتخنقها العبرات و تقول بصوت ملؤه الألم و اللوعة : " وا كربى لكربك يا أبتاه " ..... الرسول يرد عليها : " لا كرب على أبيك بعد اليوم "..................................... و يحم القضاء .. لحق الرسول بالرفيق الأعلى ...
كيف العزاء يا زهراء .. إنه الإحساس باليتم بعد فقد الأب الحنون الرحيم الرءوف ... صلى الله عليه و سلم .
تحاملت الحبيبة على نفسها و راحت إلى قبر الحبيب فأخذت حفنة من تراب القبر و قربتها من عينيها اللتين قرحهما البكاء و راحت تشمها قائلة :
ماذا على من شم تربة أحمد .. ألا يشم مدى الزمان غواليا ؟
صبّـت على ّ مصائب لو أنها .. صبت على الأيام عدن لياليا
بكت .. وبكى الناس , و تركت التراب بتفلت من بين أناملها , تقطعت نياط القلوب , نظرت إلى يديها الفارغتين من التراب , و مضت باكية , و الناس يشيعونها بعيون دامعة .
جاءها أنس بن مالك و راح يواسيها , فقالت له : " كيف مكنك قلبك أن تسلم للأرض جثة رسول الله ..... فشهق و بكى , و لم يجرؤ أحد بعدها أن يتحدث معها مواسيا .....كل مصاب بعد مصابها لمم .
مصطفى سلام
رمضان 1427 هـ
No comments:
Post a Comment