هيا بنا نختلف
أن نختلف فى الرأى – فهذه ظاهرة صحية – أن يؤدى هذا الاختلاف إلى خلاف شخصى و مشاحنة و تباغض ، فهذه ظاهرة مرضية (بفتح الميم و الراء ) تدل على الحاجة إلى النضج و مزيد من الوعى .
أن ننقد – فهذه ظاهرة صحية – أن نهاجم و نجرح – فهذه ظاهرة مرضية ، يتحول فيها النقد المباح إلى معركة لا تندمل منها الجراح .
النقد
(مجرد رأى قابل للنقد)
مجرد أن أقرظ مبدعا لإبداعه فأقول له بعض كلمات إطراء ، فهذا ليس بنقد ، و إنما هو تعبير عن أثر هذا الإبداع فى نفسى .. تعبير عن الإعجاب .. إلخ ..
أما النقد فينبغى أن يقوم على أسس و مبادئ حددها لنا علماؤه .. و من الذاكرة أقول يجب أن يكون النقد تحليلا للنص المبدَع يتضمن :
· تحديد الموضوع .
· مدى ملاءمة المعالجة للموضوع .. فالموضوع العلمى - مثلا- يعالج بمنطق رصين ، و الموضوع الدينى يعالج بخشوع يدخل الموضوع إلى القلب و العقل معا ..إلخ
· مدى استخدام الأسلوب الأمثل للتعبير عن الموضوع .. فللموضوعات الحماسية أسلوب القوة و الجزالة و الفخامة ، و للموضوعات الرومانتيكية – مثلا – أسلوب الرقــــــــــــة و النعومة ... إلخ.
· بيان أوجه الجمال و أوجه النقص فى المعالجة .. فليس النقد تبيانا لأوجه النقص فحسب ، كما و أنه ليس مجرد تقريظ للمبدع (كسر الدال) و استحسان للمبدع (فتح الدال ) .
· و يمكن من خلال النقد المقارنة بين نص المبدع و نصوص سبقته فى هذا الموضوع ، فيكون فى ذلك إثراء للمعانى ، و تعديد للصور الجمالية .
و بهذا يفترق النقد كثيرا عما نراه فى العديد من التعليقات التى ترد تعقيبا على نصوص المبدعين ، حتى أنه يمكننا أن نقول إنها نوع من التأثر و الإعجاب بالنص ، و ليست نقدا له ، و هذا فى حد ذاته ليس عيبا ، فالمبدع إنما يبتكر إبداعاته كى يؤثر فى قلوب و عقول الآخرين .
و يختلف أيضا عما نقرؤه أحيانا عن بعض التهافت فى الهجوم غير المبرر و لا المسبب و لا المحكم على النص – فإن قلت إنه ( نص سئ ) أكون قد وقعت فى دائرة التجريح و خرجت من دائرة النقد .. و يقع فى نفس الدائرة استخدام الألفاظ غير اللائقة التى تشى بعدم قدرة الناقد – أقصد المجرح – على انتقاء ألفاظه أو على ضعف حجته فاستعاض عن هذا بذاك .
و ختاما أريد أن نقتدى بقول أمير الشعراء :
( الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية )
و ذلك حين يحترم الاختلاف مشاعر الآخرين )
و نتذكر قوله أيضا :
(إلام الخـلف بينكمو إلاما ... و هذى الضجة الكبرى علاما
و فيم يكيد بعضكمو لبعض ... و تبدون العداوة و الخصاما )
تأملوا ما فى هذين القولين من (اختلاف ) بين كلمتى ( اختلاف ) و ( خلاف ) !!!
فلنختلف و لا نتخالف ، و لتكن المحبة هى المظلة التى تظللنا .
مصطفى سلام
No comments:
Post a Comment