عن العربية
الإبنة النابهة ريم
رائع من فتاة فى ميعة الصبا ، و فى خواء الغربة أن تهتم بقضايا أمتها عامة ، و مثل تلك القضية التخصصية على وجه الخصوص .
يا آنستى الرقيقة ، ما تفضلت بإثارته ليست قضية العصر ، إنما هى قضية تعرض لها المفكرون على مدار عصور عدة .
و أنت تعرفين أن روح اللغة العربية هو النحو ، فهو الذى يحدد المعانى و يوضح المقصود ، وإذا سمحت لى أن أضرب لك مثالا تاريخيا على ذلك : مر الخليفة الأموى على رجل يقرأ القرآن الكريم :
" أن الله برئ من المشركين و رسولِه " – بكسر اللام (بينما هى مرفوعة على الابتداء )، فكاد الخليفة أن (يلطم !!) من خشية ضياع القرآن الكريم ( حيث معنى كسر اللام هنا أن الله برئ من رسوله – حاشا لله ) .. فسارع الخليفة إلى أبى الأسود الدؤلى ليضع (تشكيل : فتحة ، كسرة ..الخ ) للقرآن الكريم .
و النحو فى اللغة العربية هو أصعب ما فيها ، و المناهج المقررة فى المدارس لاتستقيم و سن التلميذ الدارس مما يجعله ينفر من النحو ، بل و من اللغة كلها .
و لقد تنبه الدكتور طه حسين إلى هذه المشكلة ( فى كتابه : مستقبل الثقافة فى مصر سنة 1937) و طالب بتبسيط النحو على الدارسين من تلاميذ المدارس ، و قصر معضلاته على المتخصصين فى المستويات الأعلى ... و لكن دون مجيب .
و على هذا ، فالتقصير ليس من جانب اللغة العربية ، و إنما من العرب :
* فالعرب فى عصرنا الراهن قد بلغ بهم الوهن حدا لا يشجع الفرد بالفخر بالانتماء إليهم ، و أعتقد أن لغتهم ، لو لم تكن لغة القرآن الكريم ، لتخلينا عنا منذ زمن .
* اللغة العربية أكثر ثراء مما نظن ، و فى هذا يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم :
وسعت كتاب الله لفظا و غاية .. و ما ضقت عن آى به و عظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة .. و تنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر فى أحشائه الدر كامن .. فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتى
* ليس هنا أى جهود مبذولة من قبل الدولة لرفع مستوى تعليم اللغة العربية.
* يساهم التليفزيون – بالذات دون الإذاعة – فى سوقية الألفاظ العربية و انهيار اللغة على ألسنة مذيعاته.
* هبوط اللغة ليس مسغربا فى مجتمع تهبط كل مستوياته .. (نظام التعليم كله فى حاجة إلى ثورة )
No comments:
Post a Comment