اللغة و القومية
" من أحب الله تعالى أحب رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ، و من أحب الرسول العربى أحب العرب ، و من أحب العرب أحب العربية ، و من أحب العربية عنى بها و ثابر عليها و صرف همته إليها " – فقه اللغة العربية لأبى منصور الثعالبى .
و للغة العربية سحر خاص : سحر ظاهرى يتمثل فى الصوت و الكتابة ، و سحر باطنى يتمثل فى الفكر و المثال .
و اللغة – أيا ما كانت – هى أقوى عوامل الوحدة و التضامن بين أهلها – فيقول العالم اللغوى الأمريكى " إدوارد سابير " أن اللغة هى على الأرجح أعظم قوة من القوى التى تجعل من الفرد كائنا اجتماعيا .. و هذا يعنى :
* أن اتصال الناس بعضهم ببعض فى المجتمع يعسر حدوثه بدون اللغة .
* أن وجود اللغة من شأنه أن يكون هو نفسه رمزا قويا فريدا للتضامن بين من يستعملون تلك اللغة .
أما الفيلسوف الألمانى ( فشته ) فيقول فى كتابه ( نداءات إلى الأمة الألمانية ) : " إن اللغة تلازم الفرد فى حياته و تمتد إلى أعماق كيانه ، و تبلغ إلى أخفى رغباته و خطراته ، إنها تجعل من الأمة الناطقة بها كلا متراصا خاضعا لقوانين ، إنها الرابطة الوحيدة الحقيقية بين عالم الأجسام و عالم الأذهان .
إن مشاركة اللغة يندرج تحتها مشاركة العقيدة و الثقافة و الحضارة .
و يقول المستشرق بروكلمان : بفضل القرآن بلغت العربية من الاتساع مدى لا تكاد تعرفه أية لغة من لغات الدنيا ، و المسلمون جميعا مؤمنون بأن العربية هى وحدها اللسان الذى أحل لهم أن يستعملوه فى صلاتهم ، و بهذا اكتسبت العربية منذ زمن طويل مكانة رفيعة فاقت جميع اللغات الأخرى التى تنطق بها شعوب إسلامية "
(دراسة فى اللغات السامية )
و لما كانت عزة الإسلام فى المحافظة على عزة العروبة ، و عزة العروبة فى المحافظة على الميزات الفريدة التى تميزت بها لغة العرب ، فمن كان يريد هدم الإسلام ، و محو العروبة ، فعليه أن يبدأ بهدم الرابطة العميقة التى تجمع هذه الأمة : اللغة العربية .. و أعتقد أن هذا العدو قد نجح إلى حد ما فى ما استهدفه ، فأصبحت لغتنا الجميلة تعانى من الأمراض الخبيثة التى تستهدف قلبها و القضاء عليها .
و من الحق أن أذكر أن دارسى اللغة العربية يعانون أشد المعاناة من النحو و صعوبته ، و البلاغة و جفافها ، لكن ذلك كله لا يمنع من محاولات علماء اللغة الإصلاح ما استطاعوا ، و لقد تنبه طه حسين منذ زمان طويل إلى ضرورة إصلاح علوم اللغة ليكون تعليمها مثمرا مفيدا ، فإما أن نيسرها و أما أن يعرض عنها أهلها .
" و مع أنى أحب النحو أشد الحب و أكلف به أعظم الكلف ، لا أقول هذا عابثا و لا مازحا ، و إنما هو حق يعرفه عنى كثير من الأصدقاء ، مع أنى أحب النحو أشد الحب ، و أريد أن يتعمقه الذين يتخصصون فى اللغة و آدابها ، فإنى لا أحب أن أشق به على كثرة المتعلمين فى المدارس العامة ... و لنجتهد أن نخفف عب النحو على المتعلمين ما وسعنا ذلك ....... " ( مستقبل الثقافة فى مصر – 1938 )
و يواصل الدكتور طه حسين وضع خطته للعلاج ... لكن : لم يقيض لهذه اللغة المسكينة من يطبق العلاج و يخرج بها من محنتها .
كان الله فى عون لغتنا الجميلة التى قال فيها حافظ ابراهيم :
وسعت كتاب الله لفظا و غـاية و ما ضقت عن آى به و عظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلـة و تنسيق أـــماء لمخترعات
أرى لرجال الغرب عزا و منعة و كم عـــــــز أقوام بعز لغات
و تقدير بالغ للأستاذة لميس الإمام لهذا الطرح الرائع .. مع دعائى لها بالتوفيق الدائم ،،،
مصطفى سلام
No comments:
Post a Comment