الجدل
الجدل أداة للعقل يقابل بها الأفكار بعضها ببعض فيمحِّصها و يتقبل الحق و يدحض الباطل .
و لقد عرف الجدل منذ أقدم العصور ، عرفه الفلاسفة : سقراط – 470 ق.م - و أفلاطون – 427 ق.م ، وأرسطو- 384 ق.م.، و سموه الديالكتيك Dialectique .
و قد قسمه أفلاطون – 427 ق.م - إلى نوعين : جدل صاعد : من الحواس إلى عالم الفكرو الحقيقة و المعانى الكلية ( المُـثل ) ، و جدل هابط : من عالم المثل إلى العالم الحسى .
و فى العصر الحديث كان أكثر من اهتم بالجدل هو الفيلسوف الألمانى هيجل Hegel- 1770-1831 – و وضع له مراحل ثلاث : القضية Thèseأى الفكرة ، نقيض الفكرة Anti-thèse، التأليف بين الفكرة و نقيضها Synthèse .
أما فى القرآن الكريم ، فقد جاء الحديث عن الجدل كأداة لدحض الأفكار و المعتقدات و جلاء الحق و إزهاق الباطل ، و وضع شروطا تحيط بالجدل تضمن له أن يصل إلى مراميه :
فيقول الحق سبحانه :
* " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتى هى أحسن " - سورة النحل آية 125 .
* " و لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن " - سورة العنكبوت آية 46
* " قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها " - المجادلة آية 1
إذن فشرط الجدل الذى حدده القرآن الكريم هو أن يكون بالتى هى أحسن ، و التى هى أحسن تعنى الأدلة الظاهرة البينة الدامغة ، و الإصغاء إلى المجادلين و الرفق بهم فى مواجهتها و دحضها ، و ترك الغلظة عليهم .
و الجدل بالتى هى أحسن هو أسلوب الأنبياء و سنتهم :
* فقد قالوا لمحمد (ص) : : " مجنون - القلم آية 51 - و لكنه - رغم البيئة العربية التى تتميز بالاعتزاز بالذات و العنجهية - رد عليهم بلغة الواثق برسالته : " و ما مسنى السوء "- الأعراف آية 188
* و قالوا لنوح (ص) : " إن هو إلا رجل به جنة " - فرد عليهم : " رب انصرنى بما كذبون "- المؤمنون 25 ، 26
* و قالوا لنوح أيضا : " إنا لنراك فى ضلال مبين " - فرد عليهم : " ياقوم ليس بى ضلالة و لكنى رسول من رب العالمين "- الأعراف 59 ، 60
تلك كانت بعضا من ردود أنبياء – بالحسنى – على جدليات الكافرين السفيهة .. تطبيقا لأسس الجدل التى قررها المولى و أثبتها فى القرآن الكريم.
ما أحرانا أن نتأسى فى مناقشاتنا برسول الله صلى الله عليه و سلم ، و اتباع قواعد القرآن الكريم بهذا الشأن .
No comments:
Post a Comment