Sunday, January 17, 2010

الأستاذ فاضل

الأستاذ فاضل :


مقالتك هذه أثارت مائة مشكلة و مشكلة ..اسمح لى أن أنتقى بعضا منها .. أعلق عليه :
أولا : مشكلة العيارية أو القياس :
فى القرن الخامس قبل الميلاد ظهرت الحركة السوفسطائية يتزعمها بروتاجوراس الذى قال : " الإنسان – الفرد -
مقياس كل شئ " .. و نتج عن هذا القول الاتجاه إلى إنكار العلم : لأن ما هو حق بالنسبة لى قد لا يكون حقا بالنسبة لك .. و بهذا ينتفى الاتفاق الذى هو أساس قيام العلم .
لو اتبعنا هذا المبدأ السوفسطائى , لنتج عن هذا أن : ما هو مهم بالنسبة لى قد لا يكون مهما بالنسبة لك .. و هذا حقيقى فى الأحكام الذاتية كالحب و الكراهية .. الخ , أما فى مجالنا فلا بد من معيار أو مقياس أو مسطرة – كما قلت –
تكون محك الاختيار لما هو مهم و ما هو غير مهم .

ثانيا : مشكلة العقل الباطن :
متفق معك تماما فيما قلته – فالعقل الباطن – أو كما سماه عالم النفس الأشهر سيجموند فرويد " اللاشعور " .. هو المخزن الذى يحتوى على كل الخبرات التى مضت فى حياة الإنسان و كبتت فيه نزعاته و شهواته , يخبو الوعى أحيانا ( الشعور) – أثناء النوم مثلا – و لكن اللاشعور لا ينام بل هو دائم الغليان يحاول دائما أن يظهر على السطح دون جدوى فيكتفى بالتأثير فى سلوك الفرد ( و التفكير نوع من أنواع السلوك : العقلى ) .
و بناء عليه فإن الذين يحكمون على الأمور أحكاما ذاتية , إنما يدفعهم إلى ذلك خبراتهم المخزونة فى اللاشعور .

ثالثا : التعصب للرأى :
وردت كلمة التعصب الأعمى ( للرأى ) و هو ما يسمى ( الدجماطيقية ) و هى منافية تماما للعلم و للعقل المستنير , فالعالِم على استعداد دائما للتخلى عن نظريته إن ظهر أمامه ما يناقضها .

ربعا : الحكم بالانطباعات الأولى :
و هذه الانطباعات كثيرا كثيرا ما تكون كاذبة لأنها تعتمد فى صدقها على أمور كثيرة سبق أن بينتها فى مقال سابق لى منها : الفراسة و الأقنعة الاجتماعية التى يرتديها الفرد .

خامسا : الحكم بناء على الأحكام السابقة :
لقد كان أول ما نادى به أبو الفلسفة الحديثة الفيلسوف الفرنسى – رينيه ديكارت – فى كتابه :" مقال فى المنهج " :
" أن أبذل الجهد فى اجتناب التعجل و عدم التشبث بالأحكام المسبقة و هى الأحكام التى لا تقوم على تدبر و روية " .

سادسا : الخلاف فى الرأى و المودة:
يستند تقدم الفكر على الاحتلاف !! .. فيقول الفيلسوف الألمانى هيجل Hegel أن تقدم الفكر يقوم على الجدل الذى هو عنده – ببساطة شديدة – فكرة يتبعها فكرة مناقضة لها .. الصراع بين الفكرتين يؤدى إلى فكرة جديدة مؤلفة بينهما, ثم تأتى فكرة أخرى تناقض الفكرة المؤلفة ... الخ أو كما يقول : القضية .. نقيضها .. التأليف .

و بهذا يتميز الفكر – بواسطة الاختلاف – بالحيوية الدافقة و التقدم المستمر .. لكن على شرط : ألا يفسد للود قضية , و إلا تحول إلى خلاف لا تحمد عقباه .

سامحونى على الإطالة .. فالموضوع الذى أثاره الأستاذ فاضل يستحق أكثر و أكثر و أكثر .

مصطفى سلام

No comments:

Post a Comment