Thursday, June 21, 2012


الأسلمة و التنصر

        سئل الإمام الأكبر الشيخ محمد متولى الشعراوى عن مشكلة تنصر بعض المسلمين و نكولهم عن الإسلام فقال قولة بليغة : " إننا نأخذ علماءهم و هم يأخذون سفهاءنا "
     يشير فضيلته – رحمة الله عليه - إلى أن من يعتنق الإسلام من المسيحيين – من الغرب خاصة – هم العلماء و المفكرون ، و أن من يتنصر من المسلمين هم أراذلنا بادى الرأى الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا ، جريا وراء لقمة عيش مسمومة أو تحت إغراء لم يستطع إيمانه المزعزع الضعيف أن يقاومه .
     يحضرنى فى هذا المقام نبأ أتى به الدكتور زغلول النجار – بارك الله فيه – إذ كان بصحبته أحد أكابر علماء الفسيولوجى الغربيين ، فقرأ عليه الدكتور زغلول قول الحق سبحانه : " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب " (النساء – آية 56 )
     و لما كان هذا الرجل عالمَ فسيولوجيا فإنه يدرك تمام الإدراك أن الإحساس لا بد أن يبدأ بالجلد ، و إنْ سلخ الجلد فإن المرء لا يشعر بالألم، فقد دهش دهشة عظيمة :
 و سأل الدكتور النجار : " أقال القرآن ذلك " .
- نعم .
- منذ ألف و أربعمائة سنة ؟
- نعم .
- لا يمكن أن يكون ذلك قول بشر ...... ماذا يفعل الإنسان كى يدخل فى الإسلام ؟
     و أسلم الرجل عن فهم و تعقل .
و هذا حال كل من يدخل الإسلام منهم : العقلاء ، العلماء ، لكن أنى لهم أن يطلعوا على عظمة الإسلام ، و روعة رسول الإسلام ؟! .. أنى لهم أن يدركوا القيم الصيلة و الأخلاق الرفيعة التى أتى بها الإسلام ؟
     ذلك دور المسلمين ، لا أقول الأزهر الشريف ، و لا أحمله وحده المسئولية ، و لا أحمل عليه ، فما هو إلا منبر وحيد ، و العالم الإسلامى ملئ بالمنابر، رغم أنه أسمى هذه المنابر ، و أرسخها و أعلاها كعبا فى فهم الإسلام و تخريج العلماء .
     لو نظرنا إلى قنواتنا الدينية لوجدناها جميعا و دون استثناء موجهة إلينا نحن المسلمين ، حسنا فهذه إحدى الحسنيين ، لكن أليس مجديا أيضا أن توجه بعض هذه القنوات إلى الآخرين ، فتخاطبهم بلغاتهم و على قدر عقولهم (و هم يهتمون جدا بالعقل الذى يغلبونه على العاطفة ) ؟
     لقد قامت قناة أزهرى بمحاولة رائعة – لكن لم يكتب لها الاستمرار ولا الانتشار – و هى إنشاء قناة تتوجه إلى الآخرين بلغاتهم ، و لقد تابعت هذه القناة أياما ، ثم شغلنى عنها شاغل ، و حين عدت لأبحث أبحث عنها الآن لم أجد لها أثرا .
     نعود لموضوع التنصير ، و لقد خاض فيه من خاض ، وهذه مشكلة – حتى و لو كان عدد المتنصرين فردا واحدا – لكنى أرى المشكلة – كما ذكر من ذكر تكمن فى أولئك الأفارقة – أو غير العرب عموما – الذين لا يعرفون عن إسلامهم إلا اسمه ، حتى أنك تجد أسماءهم تضرب بجذورها و فروعها فى المسيحية ، فتجد شنوده المسلم ، و بطرس و جرجس مسلمين ؟!!! ...الخ
المسألة إذن قصور من المسلمين فى الدعوة ، و للدعوة أصول و قواعد ، فلا بد من معاهد علمية عصرية متطورة متخصصة فى تخريج الدعاة العصريين الذين يلمون بثقافة العصر و خصوصيات الشعوب .. الخ ، و ذلك إلى جوار رصد ميزانيات كبيرة لهذا الغرض ، إنشاء مدارس بتلك الدول ، و جامعات ، و مستشفيات ، و زيارات لمحاضرين متمكنين ، و فرق موسيقة و مسرحية ، و مكتبات ، إذن نحن نحتاج إلى نقل الحضارة الإسلامية إلى هذه الشعوب و ليس قواعد الإسلام وحدها .
و أما من تحدث عن الدولة العلمانية فأقول إننا لسنا دولة إسلامية ، و لا دولة علمانية ، و إنما دولة فقط .. و قد سبق أن وضعتُ مقالا لى بالصالون الثقافى بهذا المنتدى عن العلمانية فى وقت سابق لمن يريد التعرف على معنى العلمانية .
     شكر للأستاذ إبراهيم لطرحه هذا الموضوع الحيوى ، خاصـــة فــى أيامنا هذه التى لا يجد فيها من يعتنق الإسلام  وليا و لا نصيرا من بنى دينه ، فتكون النتيجة كما ذكر القتل أو على الأقل حياة هوان و رد جائر عن الإسلام .    أما بالنسبة لرأيى فى المشكلة :
فأولا : ينبغى أن نفرق بين " التنصير و التنصر " :
- فالتنصير هو سيطرة إرادة على إرادة أخرى من أجل تحويله من الإسلام        إلى النصرانية
و هذا ما أحاربه بكل ما أوتيت من قوة (إن كان لى قوة !) ، ذلك لأن فى هذه العملية حربا على الإسلام و تقليلا من قدره .
أما التنصر فمعناه أن فردا – بمحض إرادته ، جريا وراء منفعة أو إغراء معين – فإنى أرفضه من منطلق دينى ، فمثل هذا الفرد يعتبر – من وجهة دينية إسلامية (مرتدا) – و كلنا يعرف حد الردة ، و أن أبا بكر رضى الله عنه قد حارب المرتدين لأقل من هذا السبب .




No comments:

Post a Comment