Thursday, June 21, 2012


الأدب
يكاد يتفق أهل الأدب على معنى اصطلاحي له أنه الكلام الإنشائى البليغ الذى يقصد به إلى التأثير فى عواطف السامعين و القراء ، سواء أكان شعرا أو نثرا ، و تستخدم الكلمة أيضا بمعنى الظرف ( دائرة المعارف للناشئين ) ، و قالوا أيضا إن الأدب هو حفظ أشعار العرب و أخبارها و الأخذ من كل علم بطرف .
و يرى الباحثون فى تاريخ الأدب أن الكلمة وجدت منذ العصر الإسلامى حيث لم يعثر عليها بهذا المفهوم فى الشعر أو الأدب الجاهلى على وجه العموم ، و إنما وجدت كلمة (آدب) الداعى إلى الطعام و منها كلمة مأدبة و هى الطعام الذى يدعى إليه ، و اشتقت على هذا كلمة (أدبَ يأدُب ) بمعنى صنع مأدبة أو دعا إليها .
و قالوا إن الأدب هو السنة و السيرة ، فيقال : تأدب بأدبه بمعنى اقتدى بسيرته .
و يظن أن من أقدم الكلام الذى وردت فيه هذه الكلمة بنصها و مادتها حديث عتبة بن ربيعة أبى هند أم معاوية بن أبى سفيان حين تقد أبو سفيان لخطبتها ، فقال أبوها عنه أنه : " يؤدب أهله و لا يؤدبونه ، فردت عليه : " و سآخذه بأدب البَعل مع لزوم قـُبـّـتى و قلة تلفـُّـتى "- و كان ذلك قبيل ظهور الإسلام بفترة وجيزة .

      و للمستشرق نللينو رأى ضعيف فى ذلك ، إذ يرى أن العرب فى الجاهلية كانوا يستخدمون كلمة (دأب) فى معنى السيرة و السنة ، و جمعوها على ( آداب ) ثم توهموا أن ( آداب ) جمع أدب و دلوا بها على محاسن الخلق و الشيم .
و يستبعد الدكتور شوقى ضيف هذا الفرض و يرى أن الأجدر أن الكلمة قد بدئ فى استخدامها للدلالة الحسية (الدعوة إلى الطعام) ثم انتقلت إلى معنى ذهنى و هو الدعوة إلى المحامد و المكارم – و هذا الانتقال بين المحسوسات إلى الذهنيات ليس بالأمر الغريب أو الشاذ .
و أشهر استخدام لها فى العصر الإسلامى قول النبى صلى الله عليه و سلم :
" أدبنى ربى فأحسن تأديبى " ، آخذة مفهوم التهذيب و التخلق الحميد .
      كل تلك الاستخدامات لكلمة الأدب لم تخرج عن معنى التأديب الذى هو تهذيب النفوس و تحلية الطبائع بفضائل الأخلاق .
       و قرب نهاية العصر الأموى و أوائل العصر العباسى سلم الخلفاء ابناءهم إلى فئة من المربين و سموهم " المؤدبين " و كان من بين مواد هذه التربية : الأخبار و الشعر إلى جوار العلوم القرآنية و السنة النبوية المطهرة .
      و فى العصر العباسى تجاور المعنيان : التهذيب - و ما يبدعه المبدعون من شعر و نثر و حكم و أمثال - مندمجين تحت مسمى الأدب  ، يتضح ذلك من رسالتى ابن المقفع : الأدب الصغير و الأدب الكبير ، و استخدمها أبو تمام عنوانا للباب الثالث من ديوان الحماسة.
      و تتوالى المؤلفات التى تخصصت فى الأدب – و منها :
-      كتاب الأدب فى الجامع الصحيح للبخارى
-      الأدب لابن المعتز
-      البيان و التبيين للجاحظ ( خطب – نوادر ، بلاغة ، نقد ...الخ )
-      الكامل للمبرد ( رغم اختصاصه باللغة لا بالنقد و البلاغة )
-      عيون الأخبار لابن قتيبة
-      العقد الفريد لابن عبد ربه
-      زهر الآداب للحصرى

و أختم هذه الزمرة من الروائع و الرائعين بابن خلدون الذى عرف الأدب
بأنه " حفظ أشعار العرب و أخبارهم و الأخذ من كل علم بطرف " .
      إذن ففى العصر العباسى تطور الأمر نتيجة عملية الترجمة عن الأمم الأخرى ، فاتخذت كلمة الأدب معنى جديدا – إضافة إلى معنى التهذيب - يختص بما ينتجه المبدعون من شعر و نثر و حكم و أمثال ، و بدأت الكتب التى تحمل اسم الأدب فى الظهور مضافا إلى موضوعه علوم أخرى كالنحو و العروض و البلاغة .
و فى القرن التاسع عشر استقلت هذه الكلمة على النحو الذى نعرفه عليه اليوم : من شعر و نثر.

      

No comments:

Post a Comment