الأسلمة و التنصر
سئل الإمام الأكبر الشيخ محمد متولى الشعراوى
عن مشكلة تنصر بعض المسلمين و نكولهم عن الإسلام فقال قولة بليغة : " إننا
نأخذ علماءهم و هم يأخذون سفهاءنا "
يشير
فضيلته – رحمة الله عليه - إلى أن من يعتنق الإسلام من المسيحيين – من الغرب خاصة –
هم العلماء و المفكرون ، و أن من يتنصر من المسلمين هم أراذلنا بادى الرأى الذين
ضل سعيهم فى الحياة الدنيا ، جريا وراء لقمة عيش مسمومة أو تحت إغراء لم يستطع
إيمانه المزعزع الضعيف أن يقاومه .
يحضرنى
فى هذا المقام نبأ أتى به الدكتور زغلول النجار – بارك الله فيه – إذ كان بصحبته
أحد أكابر علماء الفسيولوجى الغربيين ، فقرأ عليه الدكتور زغلول قول الحق سبحانه :
" كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب " (النساء – آية
56 )
و
لما كان هذا الرجل عالمَ فسيولوجيا فإنه يدرك تمام الإدراك أن الإحساس لا بد أن يبدأ
بالجلد ، و إنْ سلخ الجلد فإن المرء لا يشعر بالألم، فقد دهش دهشة عظيمة :
و
سأل الدكتور النجار : " أقال القرآن ذلك " .
- نعم .
- منذ ألف و أربعمائة سنة ؟
- نعم .
- لا يمكن أن يكون ذلك قول بشر ...... ماذا
يفعل الإنسان كى يدخل فى الإسلام ؟
و
أسلم الرجل عن فهم و تعقل .
و هذا حال كل من يدخل الإسلام منهم : العقلاء
، العلماء ، لكن أنى لهم أن يطلعوا على عظمة الإسلام ، و روعة رسول الإسلام ؟! ..
أنى لهم أن يدركوا القيم الصيلة و الأخلاق الرفيعة التى أتى بها الإسلام ؟
ذلك
دور المسلمين ، لا أقول الأزهر الشريف ، و لا أحمله وحده المسئولية ، و لا أحمل
عليه ، فما هو إلا منبر وحيد ، و العالم الإسلامى ملئ بالمنابر، رغم أنه أسمى هذه
المنابر ، و أرسخها و أعلاها كعبا فى فهم الإسلام و تخريج العلماء .
لو
نظرنا إلى قنواتنا الدينية لوجدناها جميعا و دون استثناء موجهة إلينا نحن المسلمين
، حسنا فهذه إحدى الحسنيين ، لكن أليس مجديا أيضا أن توجه بعض هذه القنوات إلى
الآخرين ، فتخاطبهم بلغاتهم و على قدر عقولهم (و هم يهتمون جدا بالعقل الذى
يغلبونه على العاطفة ) ؟
لقد
قامت قناة أزهرى بمحاولة رائعة – لكن لم يكتب لها الاستمرار ولا الانتشار – و هى
إنشاء قناة تتوجه إلى الآخرين بلغاتهم ، و لقد تابعت هذه القناة أياما ، ثم شغلنى
عنها شاغل ، و حين عدت لأبحث أبحث عنها الآن لم أجد لها أثرا .
نعود
لموضوع التنصير ، و لقد خاض فيه من خاض ، وهذه مشكلة – حتى و لو كان عدد المتنصرين
فردا واحدا – لكنى أرى المشكلة – كما ذكر من ذكر تكمن فى أولئك الأفارقة – أو غير
العرب عموما – الذين لا يعرفون عن إسلامهم إلا اسمه ، حتى أنك تجد أسماءهم تضرب
بجذورها و فروعها فى المسيحية ، فتجد شنوده المسلم ، و بطرس و جرجس مسلمين ؟!!!
...الخ
المسألة إذن قصور من المسلمين فى الدعوة ، و
للدعوة أصول و قواعد ، فلا بد من معاهد علمية عصرية متطورة متخصصة فى تخريج الدعاة
العصريين الذين يلمون بثقافة العصر و خصوصيات الشعوب .. الخ ، و ذلك إلى جوار رصد
ميزانيات كبيرة لهذا الغرض ، إنشاء مدارس بتلك الدول ، و جامعات ، و مستشفيات ، و
زيارات لمحاضرين متمكنين ، و فرق موسيقة و مسرحية ، و مكتبات ، إذن نحن نحتاج إلى
نقل الحضارة الإسلامية إلى هذه الشعوب و ليس قواعد الإسلام وحدها .
و أما من تحدث عن الدولة العلمانية فأقول
إننا لسنا دولة إسلامية ، و لا دولة علمانية ، و إنما دولة فقط .. و قد سبق أن
وضعتُ مقالا لى بالصالون الثقافى بهذا المنتدى عن العلمانية فى وقت سابق لمن يريد
التعرف على معنى العلمانية .
شكر
للأستاذ إبراهيم لطرحه هذا الموضوع الحيوى ، خاصـــة فــى أيامنا هذه التى لا يجد
فيها من يعتنق الإسلام وليا و لا نصيرا من
بنى دينه ، فتكون النتيجة كما ذكر القتل أو على الأقل حياة هوان و رد جائر
عن الإسلام . أما بالنسبة لرأيى فى
المشكلة :
فأولا : ينبغى أن نفرق بين " التنصير و
التنصر " :
- فالتنصير هو سيطرة إرادة على إرادة أخرى من
أجل تحويله من الإسلام إلى
النصرانية
و هذا ما أحاربه بكل ما أوتيت من قوة (إن كان
لى قوة !) ، ذلك لأن فى هذه العملية حربا على الإسلام و تقليلا من قدره .
أما التنصر فمعناه أن فردا – بمحض إرادته ،
جريا وراء منفعة أو إغراء معين – فإنى أرفضه من منطلق دينى ، فمثل هذا الفرد يعتبر
– من وجهة دينية إسلامية (مرتدا) – و كلنا يعرف حد الردة ، و أن أبا بكر
رضى الله عنه قد حارب المرتدين لأقل من هذا السبب .
No comments:
Post a Comment